( تَحَرٌَرَت من قَيدِها )
جاءَت إلى مَنزِلي والجُفونُ تُسدَلُ
وجهها شاحِبُُ ... في سَيرِها تُمَهٌِلُ
وشَعرُها العَسَليٌُ فَوقَ الجَبين ... ضاعَت بِهِ الخِصَلُ
والشِفاهُ تَرعَشُ ... واللٌَحظُ مُنكَسِرُ
أجلَستَها بَينَ الوُرود ... قَد لَفَها الضَجَرُ
يا لَهُ صَمتُها ... من عُمقِهِ تُستَلهَمُ العِبَرُ
رَمَقتها خِلسَةً في وَجهِها ... عن سِرٌِها أستَفسِرُ
فَلاحَظَت نَظرَتي ... وأدرَكَت أنٌَني لِفِكرِها أسبُرُ
فَتَمتَمَت ... قَد أُغرِمَ فارِسي بِغادَةٍ جَمالها في زَعمِهِ يُبهِرُ
طَلٌَقَني الخَسيس ... تَعَسٌُفاً ... بِئساً لَهُ التَعَجٌُلُ
خَمسسُُ مِنَ السَنَواتِ ... أضَعتها ...
وفارِسي في الحَياةِ يَلعَبُ ... يا وَيحَهُ حينَما يَجهَلُ
مَنَحتهُ مُهجَتي ودَمي ... لكِنٌَهُ لا يَحفَلُ
مِن بَعدِ تَضحِيَتي ... يَغدرُ ... يَحسَبُ أنٌَهُ بَطَلُ
ما أفعَلُ بِخَيبَتي ... كيفَ تُرشِدُني يا أيٌُها المُبَجٌَلُ ؟
قَد شابَني التَرَدٌُدُ لَحظَةً قُبَيلَ أن أُجيبُها
إذ كَيفَ لي أن أنثُرَ في قَلبِها أمَلاً وأُنهِضَ في نَفسِها ذلِكَ التَفاؤُلُ ؟
أجَبتها ... وأنا مُطرِقُُ لا تَحزَني من غادِرٍ يَرحَلُ
رَحيلهُ كَأنٌَهُ نِعمَةُُ حَلٌَت بِكِ ... والنِعمَةُ لا تُهمَلُ
فَاستَبشِري ... في الغَدِ ... لا نَدرِ ما يَحملُ
فأستَبشَرَت ... وأشرَقَ وَجهُها ... يا سَعدَهُ الأمَلُ
قُلتُ الطَلاقُ حِكمَةُُ في مِثلِ حالَتِكِ يُستَسهَلُ
فَلَقَد خَلصَتِ من قَيدِهِ ... يُغِلٌُ مِنكِ فِكرَكِ وتِلكُمُ الأرجُلُ
يا غادَةً لا تَحزَني من بُعدِهِ ... فالبُعدُ عَنهُ أجمَلُ
وغادِري أحزانَكِ ... يا وَيحَها أحزانَكِ ما تَفعَلُ
فالحَياةُ لا يَنقَضي زَخمَها ... فَكَيفَ عَنها نَغفَلُ ؟
تَبَسٌَمَت ضَيفَتي تَفاؤلاً ... وأستَرسَلَت تَسألُ
هَل أغمُرُ مُهجَتي بَهجَةً ؟ وفي غَدٍ حالَتي تُبَدٌَلُ ؟
أجَبتها ... قَد بُدٌِلَت من لَحظَةٍ ... يا سَعدهُ التَبَدٌُلُ
لَمَعَت مِنها العُيون ... كَأنٌَما قَد شاقَها الغَزَلُ
قُلتُ في خاطِري ... مَتى إذاً ضَيفَتي تَرحَلُ ؟
لكِنٌَها أسبَلَت لي جَفنَها ... وأنا لِلغادَةِ إنٌَما أُجامِلُ
وأستَرسَلَت ... يا لَلنِساءِ حينَما تَستَرسِلُ
بقلمي
المحامي عبد الكريم الصوفي
اللاذقية ..... سورية